lundi 16 septembre 2019

مجلة ملتقى الشعراء والأدباء.. قراءة للدكتور أحمد بدير ..التدرج واثره في جلاء المعنى

التدرج واثره في جلاء المعني
في ومضة (عدني )

للمبدعة :غزوة جميل الحاطوم
قراءة د. احمد بدير...

تقول الومضة

عدني قبل فراقنا
قبل أن تبعدك الخطى عني
إن أتيتك يوما نادما
أرجوك رجوعا أن لاترجعني
إن رجوتك أن تسمعني
أن تصم الأذن عني
إن التقينا يوما صدفة
واتيتك مصافحا أن تمنعني
أخاف أن يخذلني حنيني
وتهرب دمعتي مني

عدني
أن لاتترك املا منك يسكنني
أن لاتوافي مكانا أو موعدا
بك قد يجمعني
أن تستبدل عطرك بأخر
فلايضج حنيني ويسكرني
أن تحب امرأة اخرى
تختلف في تفاصيلها ولاتشبهني
واثقة لاتقتلها الغيرة
فتعدمك بين الشك والظن
شجاعة لاتقيدها أعراف القبيلة
وسطوة الصنم والوثن
توافيك لمواقيت الحب
ولايعتريها ارتعاش الخوف والجبن

عدني
أن لاتهتم لنظرة الشوق
ولايضنيك نوحي وأني
أن تتركني لاعتقادي
ودع ذكراك اسى يقتلني

عدني
أن تكون جسورا في غيابي
يكفيك مالقيته مني
كفاني اضيع أيامك بالوهم
كفاني عليك أجني
لكل أجل كتاب وانا
اخترت ذكراك كفني

1- البداية بكلمة (عدني)والتي اولها حرف (العين)  وهو حرف يخرج من اقصي الحلق وبه بدأ( الخليل بن احمد الفراهيدي معجمه ليبدأ من اقصي الحلق  ختي يصل الي الشفتين فيبدأ ب (العين) وينتهي ب (الباء ))
والمبدعة قد احسنت اختيارها لحرف العين كبداية لومضتها فهي تريد من البداية ان تؤكد علي البعد والفراق فهي تخرج كلماتها من اقصي الحلق لتبين ان الكلام يتفق مع القلب الذي لم يعد يبعد كثيرا عن اقصي الحلق  بل ويتفق مع العقل ايضا لتوضح بكل جلاء ان ثلاتثهم قد أخذوا القرار ...

2 - اختيار المبدعة قافية ومضتها حرف( ياء المد )والتي جعلتها ايضا نهاية كلمة العنوان  يدل دلالة قاطعة علي شدة انكسارها وحزنها والمها يتضح ذلك بجلاء في مجيء الياء مدة لكسرة الحرف الذي قبلها  ففيها اشباع للكسر يوحي  بكسر الخاطر ودمار القلب وهما من اشد انواع الاذي النفسي الذي يمكن ان يحدث لاي امرأة  فما بالنا ان كان مايحدث من شخص قريب بل كان في نظرها اقرب من كل قريب
حدث كل هذا رغم انها هي التي طلبت منه إلابتعاد وهي التي الحت عليه وطلبت منه ان يعدها بذلك..

3-  حين قررت الابتعاد أخذت جميع الاحتياطات اللازمة  حتي يكون  قرارها لارجعة فيه رغم كل الحب الذي عايعشته بدليل قولها ...
ان أتيتك يوما نادما...
فاستعمالها ل(ان ) التي تدل علي الشك يدل علي انها تشك في انها ستندم يوما علي طلبها منه ان يتركها  وتاتي له تطلب منه العفو والصفح
وكررت (ان )...
في اسطر متلاحقة ...
ان رجوتك ان تسمعني
ان التقينا يوما صدفة
فهي تشك شكا يصل الي درجة اليقين ان هذا لن يحدث منها ابدأ
فهي لن تطلب منه ان يسمعها ولن
تلتقيه صدفة...
لانها حين قررت الابتعاد كان عقلها هو المتحكم لذا سدت من خلال سيطرة هذا العقل عليها كل المنافذ التي قد تؤدي إلي العودة يوما ما

4 - تكرار المبدعة ل (عدني ) اربع مرات في الومضة يدل علي الحاحها الشديد علي طلب الفراق وقطع كل الاواصر بينها وبين هذا الشخص ...
ولوعيها الشديد تدرجت في طلبها...
فبدأت بقولها ...
ان رجوتك رجوعا لاترجعني...
ثم ارتفعت درجة في طلبها فخاكبته بقولها ...
ان لاتترك منك املا يسكنني
فإن طال الأمد ونظرت إليه نظرة شوق فلا يهتم لهذه النظرة...
ثم تغلق الباب نهائيا عليه فتطلب منه ان يكون جسورا في غيابها
وبعد كل طلب ذكرت التعليل المناسب له
طريقة مبتكرة للفراق استطاعت المبدعة ان تصوغها بكل اتقان ...
ومن خلالها استطاعت أن توصل رسالتها له ولامثاله ممن يتمسكون  بالعادات التي تري الجسد رمزا للعفة
واختارت جملة موحية حيث طلبت منه ان يكون اختياره لامرأة ...
شجاعة لاتقيدها أعراف القبيلة
وسطوة الصنم والوثن
ثم اختتمت ومضتها بجملة قوية تدل على جسارتها واحترامها لعقل الانثي في كل زمان ومكان فقالت مخاطبة هذا الشخص
وانا اخترت ذكراك كفني
هذا الخطاب وان كان موجه منها الي شخص معين ولكنه ينسحب  الي كل من يشبهون هذا الشخص في التفكير وما اكثرهم في زماننا هذا ..
وفي هذا الخطاب القوي دلالة من جهة أخرى علي ان هناك فتيات يمتلكن من العقل والثقافة واحترام الذات ماينأي بهن عن ان يكن سلعة رخيصة ...

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire